فصل: الإعراب:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.الإعراب:

{كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ} {كلا} حرف ردع وزجر و{بل} إضراب انتقالي و{تحبون} فعل مضارع مرفوع والواو فاعل والخطاب لكفّار قريش والإنسان عموما وقرئ بالتاء على سبيل الالتفات وبالياء على طريق الغيبة و{العاجلة} مفعول به أي الدنيا.
{وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ} عطف على الجملة السابقة وقرئ بالتاء والياء أيضا على ما تقدم.
{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبها ناظِرَةٌ} {وجوه} مبتدأ و{ناضرة} نعت له و{يومئذ} منصوب على الظرفية بـ: {ناضرة} و{إلى ربها} متعلقان بـ: {ناظرة} و{ناظرة} خبر {وجوه} والمعنى أن الوجوه الحسنة يوم القيامة ناظرة إلى ربها وهذا معنى صحيح وتخريج سهل، ويجوز أن يكون {وجوه} مبتدأ أيضا و{ناضرة} خبره و{يومئذ} ظرف منصوب بـ: {ناضرة} وسوّغ الابتداء بالنكرة هنا كون الموضع موضع تفصيل ويكون {ناظرة} نعتا لـ: {وجوه} أو خبرا ثانيا أو خبرا لمبتدأ محذوف و{إلى ربها} متعلقان بـ: {ناظرة} و{يومئذ} ظرف أضيف إلى مثله والتنوين عوض عن جملة أي يوم إذ تقوم القيامة، وسيأتي مزيد من الكلام على هاتين الآيتين في باب الفوائد.
{وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بها فاقِرَةٌ} عطف على ما تقدم وقد تقدم القول في الإعراب ولابد من التنبيه إلى أن {يومئذ} ليست تخصيصا للنكرة فيسوغ الابتداء بها لأن ظرف الزمان لا يكون صفة للجثة وإنما هو معمول لـ: {باسرة} كما ذكرنا أنه معمول لناضرة فيما تقدم وجملة {تظن} يجوز أن تكون خبرا على الوجه الأول أو خبرا بعد خبر و{أن} وما في حيّزها سدّت مسدّ مفعولي {تظن} و{بها} متعلقان بـ: {يفعل} و{فاقرة} نائب فاعل لـ: {يفعل} ومعنى الظن هنا الإيقان أو التوقع مع غلبة الاعتقاد وذلك لأنه وقت رفع الشكوك.
{كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ} {كلا} ردع عن إيثار الدنيا على الآخرة وتذكير لهم بما يئولون إليه من الموت الذي تنقطع العاجلة عنده وينتقل منها إلى الآجلة، و{إذا} ظرف لما يستقبل من الزمن وجملة {بلغت} في محل جر بإضافة الظرف إليها وفاعل {بلغت} مستتر تقديره هي يعود إلى النفس الدّال عليها سياق الكلام وإن لم يجر لها ذكر كما قال حاتم:
أماويّ ما يغني الثراء عن الفتى ** إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر

وتقول العرب أرسلت يريدون جاء المطر ولا تكاد تسمعهم يذكرون السماء. و{التراقي} مفعول به.
{وَقِيلَ مَنْ راقٍ} الواو عاطفة وقيل فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل مستتر تقديره هو أي من حوله و{من} اسم استفهام في محل رفع مبتدأ و{راق} خبره وهو مرفوع وعلامة رفعه الضمة المقدرة على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين وجملة {من راق} مقول القول ولا أدري معنى قول السمين وهذه الجملة هي القائمة مقام الفاعل.
{وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ} الواو عاطفة و{ظن} فعل ماض معناه أيقن وسمي اليقين ظنا لأن الإنسان ما دامت روحه في بدنه فإنه يطمع في ديمومة الحياة لشدة حبه لها وتعلقه بها، وأن واسمها والظرف خبرها وأن وما في حيّزها في موضع نصب سدّت مسدّ مفعولي {ظن}.
{وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} عطف أيضا، وسيأتي المزيد من معناه في باب البلاغة.
{إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ} الجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر مقدّم و{يومئذ} ظرف متعلق بـ: {المساق} وقد أضيف إلى مثله والتنوين عوض عن جمل أربع: وهي {بلغت} الروح {التراقي}، {وقيل من راق}، {وظن أنه الفراق}، {والتفّت الساق بالساق}. و{المساق} مبتدأ مؤخر وجواب إذا الذي هو العامل فيها يدل على قوله: {إلى ربك يومئذ المساق} أي تساق إلى حكم ربها ومشيئته و{المساق} مفعل من السوق فهو اسم مصدر.
{فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى} عطف على قوله: {أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه} و{لا} نافية وصدق فعل ماض وهو دليل على جواز دخول لا النافية على الماضي وفاعله مستتر تقديره هو أي الإنسان {ولا صلّى} عطف على {فلا صدق} وقيل عطف على جملة {يسأل أيّان يوم القيامة}.
{وَلكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} عطف أيضا و{لكن} مخففة مهملة و{كذب} فعل ماض أي الإنسان {وتولى} عطف عليه.
{ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى} {ثم} حرف عطف للترتيب مع التراخي والسر الاستبعاد لأن من صدر عنه مثل ذلك ينبغي أن يخاف من حلول غضب اللّه فيمشي خائفا متطأمنا ولكن هذا يمشي متبخترا متعجرفا يطاول أعنان السماء وهو أهون قدرا وأخسّ مكانا، و{إلى أهله} متعلقان بـ: {ذهب} وجملة {يتمطى} حالية من فاعل {ذهب}.
{أَوْلى لَكَ فَأَوْلى} تقدم الكلام مطولا حول إعراب هذه الكلمة في سورة القتال.
{ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى} عطف على ما تقدم والتكرير للتأكيد وزيادة التهديد، وقد تشبثت الخنساء بأهداب هذا التكرير فقالت:
هممت بنفسي كل الهموم ** فأولى لنفسي أولى لها

{أَيحسب الإنسان أَنْ يُتْرَكَ سُدىً} الهمزة للاستفهام الإنكاري و{يحسب الإنسان} فعل وفاعل و{أن} وما في حيّزها سدّت مسدّ مفعولي يحسب ونائب الفاعل مستتر تقديره وهو {سدى} حال من الضمير في {يترك}.
{أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى} الهمزة للاستفهام التقريري الإنكاري ولم حرف نفي وقلب وجزم و{يك} فعل مضارع ناقص مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون المقدّرة على النون المحذوفة للتخفيف واسم يك مستتر تقديره هو أي الإنسان و{نطفة} خبرها و{من مني} نعت وجملة {يمنى} بالبناء للمجهول نعت لـ: {مني} وقرئ بالتاء.
{ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى} عطف على ما تقدّم وعطف بـ: {ثم} للتراخي وامتداد المدة لأن بين الخلق الثاني الذي هو خلق النسل وبين الخلق الأول تراخيا وأمدا بعيدا فوجب عطفه بثم، و{كان} واسمها المستتر و{علقة} خبرها والفاءان للترتيب مع التعقيب.
{فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى} عطف أيضا وفيه التعقيب و{جعل} فعل ماض ومنه في موضع المفعول الثاني و{الزوجين} مفعول {جعل} الأول و{الذكر} بدل {والأنثى} عطف عليه.
{أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى} الهمزة للاستفهام الإنكاري التقريري وذلك اسم ليس أي الفعال والباء حرف جر زائد وقادر مجرور لفظا منصوب محلا خبر ليس و{على أن يحيي الموتى} متعلقان بقادر.

.البلاغة:

1- الاستعارة التمثيلية في قوله: {والتفّت الساق بالساق} استعارة تمثيلية لشدة كرب الدنيا في آخر يوم منها وشدة كرب الآخرة في أول يوم منها لأنهما يومان قد التفا ببعضهما واختلطا بالكرب كما تلتف الساق على الساق كما يقال شمّرت الحرب عن ساق استعارة لشدّتها وقيل التفافهما لشدّة المرض لأنه يقبض ويبسط ويركب هذه على هذه، وعبارة الزمخشري: والتفّت ساقه بساقه والتوت عليها عند علز الموت. وهو الرعدة تأخذ المريض.
2- وفي قوله: {والتفّت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق} التجنيس الناقص المسمى أيضا جناس التبديل وهو الذي يوجد في إحدى كلمتيه حرف لا يوجد في الأخرى وجميع حروف الأخرى يوجد في أختها على استقامتها وهو ثلاثة أقسام: قسم تقع الزيادة منه في أول الكلمة كزيادة الميم في المساق وقسم تقع الزيادة وسط الكلمة كقوله تعالى: {وإنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد}، وقسم تقع الزيادة منه في آخر الكلمة كقوله تعالى: {ثم كلي من كل الثمرات}.

.الفوائد:

لا نطيل في مسألة رؤية اللّه تعالى يوم القيامة فهي مسألة مذكورة في أصول الدين، ودلائل الطريقين أهل السنّة وأهل الاعتزال معروفة، ولما كان الزمخشري من المعتزلة ومذهبه أن تقديم المفعول به يدل على الاختصاص قال في صدد قوله تعالى: {إلى ربها ناظرة}: ومعلوم أنهم ينظرون إلى أشياء لا يحيط بها الحصر ولا تدخل تحت العدد في محشر يجتمع فيه الخلائق كلهم فاختصاصه بنظرهم إليه لو كان منظورا إليه محال فوجب حمله على معنى يصحّ معه الاختصاص والذي يصحّ معه أن يكون من قول الناس: أنا إلى فلان ناظر ما يصنع بي يريد معنى التوقع والرجاء ومنه قول القائل:
وإذا نظرت إليك من ملك ** والبحر دونك زدتني نعما

وسمعت سروية مستجدية بمكة وقت الظهيرة حين يغلق الناس أبوابهم ويأوون إلى مقائلهم تقول: عيينتي ناظرة إلى اللّه وإليكم والمعنى أنهم لا يتوقعون النعمة والكرامة إلا من ربهم كما كانوا في الدنيا ولا يخشون ولا يرجون إلا إياه. قال ابن عطية: ذهبوا يعني المعتزلة إلى أن المعنى إلى رحمة ربها ناظرة أو إلى ثوابه أو ملكه فقدّروا مضافا محذوفا وهذا وجه سائغ في العربية كما تقول فلان ناظر إليك في كذا أي إلى صنعك.
وقد عقب ابن المنير كعادته على الزمخشري فقال: ما أقصر لسانه عند هذه الآية فكم له يدندن ويطيل في جحد الرؤية ويشقق القباء ويكثر ويتعمق فلما فغرت هذه الآية فاه صنع في مصامتها بالاستدلال على أنه لو كان المراد الرؤية لما انحصرت بتقديم المفعول لأنها حينئذ غير منحصرة على تقدير رؤية اللّه تعالى وما يعلم أن المتمتع برؤية جمال وجه اللّه تعالى لا يصرفه عنه طرفه، ولا يؤثر عليه غيره، ولا يعدل به عز وجل منظورا سواه، وحقيق له أن يحصر رؤيته إلى من ليس كمثله شيء، ونحن نشاهد العاشق في الدنيا إذا أظفرته برؤية محبوبه لم يصرف عنه لحظة ولم يؤثر عليه فكيف بالمحب للّه عز وجل إذا أخطأه النظر إلى وجهه الكريم نسأل اللّه العظيم أن لا يصرف عنّا وجهه وأن يعيذنا من مزالق البدعة ومزلّات الشبهة وهو حسبنا ونعم الوكيل. اهـ.

.قال أبو البقاء العكبري:

سورة القيامة:
بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ
في (لا) وجهان: أحدهما هي زائدة كما زيدت في قوله تعالى: {لئلا يعلم} والثانى ليست زائدة، وفي المعنى وجهان:
أحدهما هي نفى للقسم بها كما نفى القسم بالنفس.
والثانى أن لا رد لكلام مقدر، لأنهم قالوا أنت مفتر على الله في قولك نبعث فقال: {لا}، ثم ابتدأ، فقال: {أقسم}، وهذا كثير في الشعر، فإن واو العطف تأتى في مبادئ القصائد كثيرا يقدر هناك كلام يعطف عليه، وقرئ: {لأقسم}.
وفي الكلام وجهان:
أحدهما هي لام التوكيد دخلت على الفعل المضارع كقوله تعالى: {وإن ربك ليحكم بينهم} وليست لام القسم.
والثانى هي لام القسم ولم تصحبها النون اعتمادا على المعنى ولأن خبر الله صدق، فجاز أن يأتي من غير توكيد، وقيل شبهت الجملة الفعلية بالجملة الاسمية كقوله تعالى: {لعمرك إنهم لفى سكرتهم}.
قوله تعالى: {قادرين} أي بل نجمعها، فـ: {قادرين} حال من الفاعل، و{أمامه} ظرف: أي ليكفر فيما يستقبل، و{يسأل} تفسير ليفجر.
قوله تعالى: {إلى ربك} هو خبر {المستقر} و{يومئذ} منصوب بفعل دل عليه {المستقر}، ولا يعمل فيه {المستقر} لأنه مصدر بمعنى الاستقرار، والمعنى إليه المرجع.
قوله تعالى: {بل الإنسان} هومبتدأ، و{بصِيرة} خبره، و{على} يتعلق بالخبر وفي التأنيث وجهان:
أحدهما: داخلة للمبالغة: أي بصير على نفسه.
والثانى هو على المعنى: أي هو حجة بصِيرة على نفسه، ونسب الابصار إلى الحجة لما ذكر في بنى إسرائيل، وقيل {بصِيرة} هنا مصدر، والتقدير: ذو بصِيرة، ولا يصح ذلك إلا على التبيين.
قوله تعالى: {وجوه} هو مبتدأ، و{ناضرة} خبره، وجاز الابتداء بالنكرة لحصول الفائدة، و{يومئذ} ظرف للخبر، ويجوز أن يكون الخبر محذوفا: أي ثم وجوه وناضرة صفة، وأما {إلى} فتتعلق ب {ناظرة} الأخيرة.
وقال بعض غلاة المعتزلة إلى هاهنا اسم بمعنى النعمة: أي منتظرة نعمة ربها، والمراد أصحاب الوجوه.
قوله تعالى: {إذا بلغت} العامل في إذا معنى {إلى ربك يومئذ المساق} أي إذا بلغت الحلقوم رفعت إلى الله تعالى، و{التراقي} جمع ترقوة، وهى فعلوة وليست بتفعلة إذ ليس في الكلام ترق، و{من} مبتدأ، و{راق} خبره: أي من يرقيها ليبرئها: وقيل من يرفعها إلى الله عز وجل أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟.
قوله تعالى: {فلا صدق} لا بمعنى ما و{يتمطى} فيه وجهان:
أحدهما الألف مبدلة من طاء، والأصل يتمطط: أي يتمدد في مشيه كبرا.
والثانى هو بدل من واو.
والمعنى يمد مطاه: أي ظهره.
قوله تعالى: {أولى لك} وزن أولى فيه قولان: أحدهما فعلى، والألف للإلحاق لا للتأنيث.
والثانى هو أفعل، وهو على القولين هنا علم، فلذلك لم ينون، ويدل عليه ما حكى عن أبى زيد في النوادر هي أولاة بالتاء غير مصروف، فعلى هذا يكون {أولى} مبتدأ ولك الخبر.
والقول الثاني أنه اسم للفعل مبنى، ومعناه وليك شر بعد شر ولك تبيين،
و{سدى} حال وألفه مبدلة من واو {يمنى} بالياء على أن الضمير للمنى، فيكون في موضع جر، ويجوز أن يكون للنطفة لأن التأنيث غير حقيقي، والنطفة بمعنى الماء فيكون في موضع نصب كالقراءة بالتاء.
و{الذكر والأنثى} بدل من الزوجين، و{يحيي} بالإظهار لا غير، لأن الياء لو أدغمت للزم الجمع بين ساكنين لفظا وتقديرا، والله أعلم. اهـ.